بعد ذلك نبحث عن :

السبت، 12 مارس 2011

رد شبهة : جبريلُ وهب لمريم عيسى إذًا هو إله!



رد شبهة : جبريلُ وهب لمريم عيسى إذًا هو إله!:

من الشبهاتِ التافهةِ التي تراءت إلى عقولِهم المريضةِ شبهةٌ تقولُ:إن جبريلَ بحسبِ القرآنِ وهب لمريمَ عيسى إذًا هو إله... !
تعلقوا على ذلك بقولِه تعالى (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) ) سورة مريم

الرد على الشبهة

أولاً: كما قلتُ إنها شبهةٌ تافهةٌ تبيّنُ لقرائِها مدى تفاهةِ وجهلِ مثيرِها الذي فاق الحدود .....
الآيةُ تقولُ: (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ....)أي: أنه عليه السلام مرسلٌ من اللهِ تعالى ،وليس إلهًا ،وذلك بشهادته عليه السلام
ثم نفهمُ من الآيةِ أنه سيهب لها غلامًا ، بصفتِه عليه السلام رسولُ ربِّها وليس إلهًا ؛ فنسب الإعطاءَ لنفسِه لكونِه السبب ،وأما المسبب و المرسِل هو الله  ، فهو الواهب الحقيقي ؛فالرسول(الملك جبريل) سينفخ فيها -عليها السلام- ومن النفخةِ سيخلق اللهُ  المسيحَ عبدَه و رسولَه عليه السلام...
فإن قيل: كيف يحدث ذلك ؟
قلتُ :بالمثال يتضح المقال:
في غزوةِ الأحزاب أرسل اللهُ الريحَ أقلعت خيام المشركين المحاصرين للنبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه،ودمرت
حصونهم،وأطفأت نيرانَهم ،أرسل جندًا من الملائكةِ يزلزلونهم ويلقون في قلوبِهم الرعبَ....
السؤال الذي يطرح نفسه هو : أليست الريحُ والملائكةُ هما من دمرتا المشركين ؟
الجواب: نعم .
يبقى السؤال :أليست هذه أسباب للنصرِ من مسببِ الأسبابِ(اللهُ سبحانه وتعالى ) ؟
الجوابُ : بلى؛ إن النصير الحقيقي هو الله  ؛لأنه أرسلَ الريحَ والملائكةَ لنصرةِ المؤمنين فكانتا سببًا للنصر...
مثال آخر:إننا نقول: الملائكةُ عذبت قومَ لوطٍ ؛لأنها السبب المباشر المنفذ لتعذيبِهم فنُسب الفعلُ هنا للمنفذِ(الملائكة)،ونقول أيضًا: عذب اللهُ قومَ لوطٍ ؛لأنه الأمرمنه تعالى.
إذن يجوز أن ينُسب الفعل إلى منفذِ الأمرِ باعتباره سبب مباشر...
يدلل على ما سبق ما جاء في كتبِ التفاسيرِ في الآتي:
1- تفسير الالوسي: { قَالَ إِنَّمَا أَنَاْ رَسُولُ رَبّكِ } { لِأَهَبَ لَكِ غلاما } أي: لأكون سبباً في هبته بالنفخ في الدرع. أهـ
2- تفسير البغوي: وقرأ الآخرون: "لأهب لك" أسند الفعل إلى الرسول، وإن كانت الهبة من الله تعالى، لأنه أرسل به. أهـ
3- تفسير الزمخشري: أي إنما أنا رسول من استعذت به { لأهَبَ لَكِ } لأكون سبباً في هبة الغلام بالنفخ في الدرع . وفي بعض المصاحف : إنما أنا رسول ربك أمرني أن أهب لك . أو هي حكاية لقول الله تعالى . أهـ
4- تفسير المنتخب: قال الملك : ما أنا إلا رسول من ربك لأكون سبباً في أن يوهب لك غلام طاهر خيّر . أهـ
5- تفسير السعدي: قال { إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ } أي: إنما وظيفتي وشغلي تنفيذ رسالة ربي فيك { لأهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا } وهذه بشارة عظيمة بالولد وزكائه فإن الزكاء يستلزم تطهيره من الخصال الذميمة واتصافه بالخصال الحميدة فتعجبت من وجود الولد من غير أب فقالت { أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا } والولد لا يوجد إلا بذلك؟" { قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ } تدل على كمال قدرة الله تعالى وعلى أن الأسباب جميعها لا تستقل بالتأثير وإنما تأثيرها بتقدير الله فيري عباده خرق العوائد في بعض الأسباب العادية لئلا يقفوا مع الأسباب ويقطعوا النظر عن مقدرها ومسببها { وَرَحْمَةً مِنَّا } أي ولنجعله رحمة منا به وبوالدته وبالناس أما رحمة الله به فلما خصه الله بوحيه ومن عليه بما من به على أولي العزم وأما رحمته بوالدته فلما حصل لها من الفخر والثناء الحسن والمنافع العظيمة وأما رحمته بالناس فإن أكبر نعمه عليهم أن بعث فيهم رسولا يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة فيؤمنون به ويطيعونه وتحصل لهم سعادة الدنيا والآخرة. أهـ

ويبقى السؤال :الذي يفرض نفسه هو : من من المفسرين قال بقولِ المعترضين؟
من من علماء المسلمين قال بقولهم...؟! .
من قال بقول المعترضين ؟هذا هو.

ثانيًا :إن هناك وجهًا آخر للتفسيرِ يذكره المفسرون ،وهو مقبولٌ أيضًا...فعلى سبيلِ المثالِ نقرأ ما يلي:
1- تفسير الالوسي :ويجوز أن يكون حكاية لقولِه تعالى بتقدير القول أي :ربك الذي قال أرسلت هذا الملك لأهب لك ، ويؤيده قراءة شيبة . وأبي الحسن . وأبي بحرية . والزهري . وابن مناذر . ويعقوب . واليزيدي . وأبي عمرو . ونافع في رواية ليهب بالياء فإن فاعله ضمير الرب تعالى. أهـ
2- تفسير البغوي: قرأ نافع وأهل البصرة: "ليهب لك" بالياء، أي: ليهب لك ربُك.... أهـ

ثالثًا: إن الآيةَ اللاحقة للآيةِ التي معنا تبين استفسارَ مريم الصديقة بالسؤالِ التالي : (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) ) (مريم) أجاب الملكُ (جبريل) بما نصه : (قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) ) (مريم)
نلاحظ :أنه أجابها بنقل كلامِ ربِّها : هو علي هين أي: خلق عيسى دون إلهٍ لحكمة ٍ جعله آيةً للناسِ و رحمة منه أي: من الله ؛ ما يدل أن اللهَ هو الخالق ، وهو الواهب الحقيقي ،وذلك بشهادةِ رسولِ الربِّ(جبريل) بأن الربَّ هو الذي قال و قرر و هو الذي يخلق و الخلق عليه هين آية و رحمة منه........... .
جاء في تفسير الجلالين: " قَالَ " الْأَمْر " كَذَلِكَ " مِنْ خَلْق غُلَامٍ مِنْكُمَا " قَالَ رَبّك هُوَ عَلَيَّ هَيِّن " أَيْ : بِأَنْ أَرَادَ عَلَيْك قُوَّة الْجِمَاع وَأَفْتَقَ رَحِم امْرَأَتك لِلْعُلُوقِ " وَقَدْ خَلَقْتُك مِنْ قَبْل وَلَمْ تَكُ شَيْئًا " قَبْل خَلْقك وَلِإِظْهَارِ اللَّه هَذِهِ الْقُدْرَة الْعَظِيمَة أَلْهَمَهُ السُّؤَال لِيُجَابَ بِمَا يَدُلّ عَلَيْهَا وَلَمَّا تَاقَتْ نَفْسه إلَى سُرْعَة الْمُبَشَّر بِهِ. أهـ

هناك تعليقان (2):

  1. بارك الله فيكم مولانا الشيخ أكرم وأثابكم وأعزكم ونصركم ونفعنا بعلمكم . ولو تأذن لي - جزاكم الله كل خير - أريد منكم أن أبدأ تعلم كيفية التحاور مع النصارى وكيف أبدأ لأنه هناك من هم معي من النصارى أسأل الله أن يهديهم على يدي . وجزاكم الله كل خير . بارك الله فيكم. أنا أدعى محمود مصطفى أعمل مهندسا مدنيا و الأخ إيهاب عرابي يعرفني شخصيا بإسم مشلاكي meshlaky وأنا من رواد غرفة النصارى يسألوننا عن الإسلام في البالتوك .

    ردحذف
  2. أنا أدعى محمود مصطفى أعمل مهندسا مدنيا و الأخ إيهاب عرابي يعرفني شخصيا بإسم مشلاكي meshlaky وأنا من رواد غرفة النصارى يسألوننا عن الإسلام في البالتوك .

    ردحذف

يشرفنا اضافة التعليق