بعد ذلك نبحث عن :

الجمعة، 24 ديسمبر 2010

رد شبهة نبيٌّ تهب له النساءُ أنفسهن له!

الشيخ أكرم حسن مرسى

رد شبهة نبيٌّ تهب له النساءُ أنفسهن له!:

قالوا : لقد ذكر القرطبيُّ في تفسيرِه أن من خصائصِ الرسولِ أنه إذا وقع بصرُه على امرأةٍ وجب على زوجِها طلاقها ، وأن يتزوجها النبيُّ ، و كذلك المرأة كانت تهب نفسَها للرسولِ أليس هذا زنا ؟! 

وتعلقوا بقولِ الله  ] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [  (الأحزاب50) .
   الرد على الشبهة
أولاً إن جهلَ المعترضين البيّن سول لهم أن المرأةَ إذا وهبت نفسَها للنبيِّ  أن ذلك زنا ....!
فكان عليهم أن يسألوا بتأدب فيقولون مثلاً:  ما معنى أن تهب المرأةُ نفسَها للرسولِ صلى الله عليه وسلم؟
هكذا يكون السؤال حتى أقوم بتعليمهم، وأوضح لهم ما خفي عنهم، وعلى كلٍّ ليس بعد الكفرِ ذنب....
قلتُ:هو زواج من غير مهر؛ يتزوج النبيُّ صلى الله عليه وسلم المرأةَ التي تريد الزواجَ منه زاوجًا كاملاً بكلِ شروطهِ : إيجاب وقبول، وشاهدان ، وإشهار، وموافقة الوالي ؛ فيما عدا المهر فقط ، وهذا ما أجمع عليه المفسرون ولم يقل أحدٌ قط إنه زنا ، إلا المعترضون من هذا القرن ...  .. تدلل ما على ما سبق كتبُ التفاسير منها:
1- التفسير الميسر: يا أيها النبي إنَّا أبَحْنا لك أزواجك اللاتي أعطيتهن مهورهن, وأبَحْنا لك ما مَلَكَتْ يمينك من الإماء, مما أنعم الله به عليك, وأبحنا لك الزواج من بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك, وأبحنا لك امرأة مؤمنة مَنَحَتْ نفسها لك من غير مهر,إن كنت تريد الزواج منها خالصة لك, وليس لغيرك أن يتزوج امرأة بالهِبَة. قد علمنا ما أوجبنا على المؤمنين في أزواجهم وإمائهم بألا يتزوجوا إلا أربع نسوة, وما شاؤوا من الإماء, واشتراط الوليِّ والمهر والشهود عليهم, ولكنا رخصنا لك في ذلك, ووسَّعْنا عليك ما لم يُوسَّع على غيرك؛ لئلا يضيق صدرك في نكاح مَن نكحت مِن هؤلاء الأصناف. وكان الله غفورًا لذنوب عباده المؤمنين, رحيمًا بالتوسعة عليهم. أهـ
2- تفسير الجلالين: { وامرأة مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النبي أَن يَسْتَنكِحَهَا } يطلب نكاحها بغير صداق { خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المؤمنين } النكاح بلفظ الهبة من غير صداق. أهـ

ثانيًا  : إن الملاحظ من الآيةِ  الكريمةِ التي تقول : ]وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ[  . أن ( إن ) جاءت مرتين
إن أداة شرطية تفيد بُعد حدوثِ الفعل :  ]وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ [ أي : لو أرادت أن تتزوج من النبيِّ صلى الله عليه وسلم بغير مهر.... ] إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ[  .
بمعني : لو أحب النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك ، وذلك لم يحدث  قط ٌ أنه وافق وتزوج بزواجِ الهبة كما قال ابنُ عباسٍ - رضي اللهُ عنهما- و بعض المحققين من أهلِ العلمِ كما ستقدم معنا - إن شاء الله I-.
إن قيل: إن هناك حديثين ينفيان ما ذكرت:
الأول:في صحيح البخاري برقم 4414 عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَقُولُ: أَتَهَبُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا ؟ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{ تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنْ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ } قُلْتُ: مَا أُرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ.
الثاني : في صحيح البخاري برقم 4721  عن هِشَام عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ مِنْ اللَّائِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَمَا تَسْتَحِي الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلرَّجُلِ فَلَمَّا نَزَلَتْ { تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ } قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ.
قلتُ :إن ظاهر الحديثين أن الواهبات كُثر ، وأن منهم خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ ؛ فليس معنى أنهن وهبن أنفسهن للنبيِّ صلى الله عليه وسلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قبل منهن وتزوجهن زواجَ الهبة ؛تدلل على ذلك أدلة منها:
1- تفسير القرطبي: عن ابنِ عباسٍ أنه قال: لم تكن عند رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلمامرأة إلا بعقد نكاح أو ملك يمين. فأما الهبة فلم يكن عنده منهن أحد. أهـ
2- قال ابنُ حجرٍ في الفتحِ : حَدِيث سِمَاك عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس: " لَمْ يَكُنْ عِنْدَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم اِمْرَأَة وَهَبَتْ نَفْسهَا لَهُ " أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وَإِسْنَاده حَسَن ، وَالْمُرَاد أَنَّهُ لَمْ يَدْخُل بِوَاحِدَةٍ مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسهَا لَهُ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لَهُ لِأَنَّهُ رَاجِع إِلَى إِرَادَته لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( إِنْ أَرَادَ النَّبِيّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا ). أهـ
قلتُ: ومما يدعم ما سبق ؛ ما ثبت في صحيح البخاري برقم 4641  عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ tقَالَ: أَتَتْ النَّبِيَّصلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ  " صلى الله عليه وسلممَا لِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ". فَقَالَ رَجُلٌ زَوِّجْنِيهَا :قَالَ :أَعْطِهَا ثَوْبًا. قَالَ: لَا أَجِدُ. قَالَ: أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَاعْتَلَّ لَهُ .فَقَالَ: مَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا. قَالَ:"فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ".
نلاحظ : أن محمدًا صلى الله عليه وسلم  كان يرفض زواجَ الهبة ، ويُزوج الواهبةَ لغيِرِه كما يذكر الحديث ....

ثانيًا  : إن الإجابة على الشقِ الأولِ من سؤالِهم  الذي يقول: لقد ذكر القرطبيُّ في تفسيرِه قائلاً : ألعاشر-إذا وقع بصره على امرأةٍ وجب على زوجها طلاقها، وحل له نكاحها. قال ابنُ العربي : هكذا قال إمام الحرمين، وقد مضى ما للعلماءِ في قصةِ زيدٍ من هذا المعنى.أهـ
قلتُ : إن هذا كلام باطل لا دليل عليه ، وهذا لم يحدث في حياةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلمقط ، وأما عن قصةِ زيدِ بنِ حارثة التي فيها( سبحان مقلب القلوب)... فهي منكرة عند أهلِ التحقيق ، ولا يعترف بها المسلمون ، وأقول: القرطبي وابن العربي وغيرهما أحباء إلى قلوبِنا ؛ ولكن الحقُ أحبُ إلينا منهما - رحمهما اللهُ –
وأما ما يُفهم من قول القرطبيِّ: "وقد مضى ما للعلماءِ في قصةِ زيدٍ من هذا المعنى" أنه لا يوافق على هذه الخصيصة؛ لأن المتأمل في تفسير الآية له يجده يرفض الروايات التي فيها (سبحان مقلب القلوب.....)....
بل توجد أدلة  تنفي هذه الخصيصة عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم منها:
1- قوله I :" لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52) " (الأحزاب)
2- مسند أحمد برقم 17337 عن كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيَّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا فِي أَصْحَابِهِ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَقَدْ اغْتَسَلَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ :قَدْ كَانَ شَيْءٌ ؟ قَالَ: " أَجَلْ مَرَّتْ بِي فُلَانَةُ فَوَقَعَ فِي قَلْبِي شَهْوَةُ النِّسَاءِ فَأَتَيْتُ بَعْضَ أَزْوَاجِي فَأَصَبْتُهَا فَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا فَإِنَّهُ مِنْ أَمَاثِلِ أَعْمَالِكُمْ إِتْيَانُ الْحَلَالِ".
صححه الألباني في السلسلة الضعيفة برقم 235
ثالثًا  :  إن المتأملَ في الأناجيلِ  يجدها  تنسب ليسوعَ المسيح أن امرأة زانية وهبت نفسَها له لتدهن جسده بالطيب ! فهل تزوجها بعد ذلك...؟ نقرأ معًا الآتي :
1-        إنجيل متى إصحاح26عدد12فَإِنَّهَا إِذْ سَكَبَتْ هذَا الطِّيبَ عَلَى جَسَدِي إِنَّمَا فَعَلَتْ ذلِكَ لأَجْلِ تَكْفِينِي. !!  قلتُ: إنني لم أطعن في نصوصِ كتابهم كما فعلوا ، فأقول مثلاً :هل سكبت الطيب على جسده بأكمله أو على جزء منه...؟  
2- إنجيل مرقس إصحاح14 عدد 8عَمِلَتْ مَا عِنْدَهَا. قَدْ سَبَقَتْ وَدَهَنَتْ بِالطِّيبِ جَسَدِي لِلتَّكْفِينِ.
وأتساءل: كيف يسمح لها يسوع بذلك ... ؟ ولماذا هذه المرأة بالذات (مريم المجدلية)؟ أم أنه تزوجها بعد ذلك لما وهبت نفسها له هكذا... كما جاء ذلك في شفرةِ دفنشي ؛ ومما يدل على ذلك كلام يسوع نفسه لها لاحقًا في إنجيل يوحنا إصحاح 20عدد 17قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ:إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ».!!
قلتُ: أما عن زواجِ المسيح  عليه والسلامفلا إشكالية فيه؛ لأننا لا نعلم عن كلِّ حياتِه بتفصيلٍ لا في القرآن، ولا في السنة،ولا في الأناجيل,والفطرة السليمة تقول بالزواج ، وأما كونه يسمح لامرأةٍ أن تسكب الطيب على جسدِه،وتدهن به جسدَه ففيه الإشكالية ! فليت المعترضين يقومون بحلها، ونحن لا نصدق ما نُسب إلى المسيح عليه والسلام مثل تلك النصوص.....
الشيخ أكرم حسن مرسى باحث فى مقارنة الاديان 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يشرفنا اضافة التعليق