بعد ذلك نبحث عن :

الاثنين، 14 مارس 2011

رد شبهة: هل مريم جاءت بعد موسى بمئات كما يذكر القرآن؟!

الشيخ أكرم حسن مرسى

رد شبهة: هل مريم جاءت بعد موسى بمئات كما يذكر القرآن؟!
من الشبهاتِ التي أُثيرت حول قصةِ نبيِّ اللهِ عيسى عليه السلام أن القرآنَ الكريم يقول عن مريمَ - أم المسيح - لما جاءت قومَها بالمولودِ..... قالوا لها: ( يَا أُخْتَ هَارُونَ) ومن المعلومِ أن الفارق الزمني مئات السنين بين مريمَ أخت هارون ، ومريم أم المسيح ، وعليه فإن هذا خطأ تاريخي للقرآن... هكذا ادعوا ، واستدلوا على ذلك بقولِ اللهِ سبحانه وتعالى(َأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)) (مريم)

الرد على الشبهة

أولاً: إن القرآنَ الكريم لم يخبر صراحةَ أن مريمَ أم المسيح هي مريم أخت هارون ، بل إن القرانَ الكريم نقل حديثًا دائرًا بين مريمَ أمِّ المسيح وقومِها؛ فاليهودُ هم الذين قالوا: (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) ، ولم يقل سبحانه وتعالى إن مريمَ - أمَ عيسى- هي أخت هارون ....

قلتُ: لعل اليهودَ شبهوها بمريمَ أخت هارون العابدة الطاهرة التي يقول عنها سفرُ الخروج بأنها نبية ، فقالوا (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا). أي: يا شبيهة أخت هارون في العبادة والطهر ما ينبغي أن تفعلى هذا الإثم....

وعليه تسقط فريتهم التي تقول:إن هذا خطأ تاريخي للقرآن.....



ثانيًا : إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم هو الذي ردّ على هذه الشبهةِ بنفسِه r حينما سُئِلَ عن هذه الآيةِ( :يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) ... جاء ذلك في الآتي:

1- صحيح مسلمٍ كتاب (الْآدَابِ) باب (النَّهْيِ عَنْ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ وَبَيَانِ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الْأَسْمَاءِ).برقم 3982 عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِي فَقَالُوا: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ يَا أُخْتَ هَارُونَ وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ:" إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ ".

2- سنن الترمذيِّ كتاب (تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم )باب (وَمِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ). برقم 3080 عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى نَجْرَانَ فَقَالُوا لِي: أَلَسْتُمْ تَقْرَءُونَ يَا أُخْتَ هَارُونَ وَقَدْ كَانَ بَيْنَ عِيسَى وَمُوسَى مَا كَانَ فَلَمْ أَدْرِ مَا أُجِيبُهُمْ فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ:" أَلَا أَخْبَرْتَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ ".

تحقيق الألباني: انظر حديث رقم : 2442 في صحيح الجامع .



ثالثًا : إن الكتابَ المقدس يذكر في سفر الخروج مريمَ أختَ هارون بأنها نبية ،وذلك في الإصحاح 15 عدد 20فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ النَّبِيَّةُ أُخْتُ هَارُونَ الدُّفَّ بِيَدِهَا، وَخَرَجَتْ جَمِيعُ النِّسَاءِ وَرَاءَهَا بِدُفُوفٍ وَرَقْصٍ. 21وَأَجَابَتْهُمْ مَرْيَمُ: «رَنِّمُوا لِلرَّبِّ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَظَّمَ. الْفَرَسَ وَرَاكِبَهُ طَرَحَهُمَا فِي الْبَحْرِ».

قلتُ :إن هذا يخالف عقيدتنَا التي تقول: إن الأنبياءَ رجالٌ ، وليس منهم امرأة سواء مريم- أم عيسى - ، أو مريم أخت هارون ... تدلل على ذلك أدلة منها:

1- قوله سبحانه وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) ) (يوسف) ،

2- قوله سبحانه وتعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)( النحل)

3- قوله سبحانه وتعالى : )وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)( (الأنبياء).

وعليه فإن الأنبياءَ رجالٌ؛ وأما من قال من أهلِ العلمِ كابنِ حزمٍ وغيرِه أن أمَّ موسى كانت نبية لأن اللهَ أوحي إليها لما قال سبحانه وتعالى : ]وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) [ (القصص ).

قلتُ: إن هذا وحي الهام وليس وحيَّ نبوةٍ كما أوحى اللهُ للنحلِ لما قال سبحانه وتعالى: ]وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) [ (النحل ).

إذًا يبقى سؤال الذي يطرح نفسه هو: هل النحلُ نبيٌّ ، أم أن الوحيَّ هنا وحيُّ الهامٍ وإرشادٍ من اللهِ سبحانه وتعالى...؟!

الجواب : وحيُّ الهامٍ وإرشادٍ من اللهِ I.

وعليه فإن مريمَ - أم عيسى - صديّقة ،وليست نبية كما قال اللهُ (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) (المائدة).

من كتاب رد السهام عن الانبياء الاعلام للشيخ أكرم حن مرى باحث فى مقارنة الأديان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يشرفنا اضافة التعليق